هيئة التقاعد العام قصة نجاح رغم المعيقات والتحديات
الكاتب: المحامي صلاح موسى
هيئة التقاعد تمثل قصة نجاح تعزز من فرص نجاح الضمان الاجتماعي بل وتعتبر مؤشرا على مقومات نجاحه ، فهيئة التقاعد بالرغم من الدين المستحق لها على الحكومة ورغم الانقسام السياسي المستمر منذ العام 2007، ورغم انهيار الثقة بالمنظومة الرسمية في شقي الوطن من قبل ابناء شعبنا ورغم اقتطاع "اسرائيل " لاموال المقاصة وما له من تبعات على هيئة التقاعد من حيث نسبة الاقتطاعات الموردة من الحكومة الى هيئة التقاعد فيما يتعلق بنظام المنافع المحددة ونظام المساهمات المحددة ، الا ان الهيئة لم توقف صرف المستحقات التقاعدية لمنتسبيها سواء عن طريق الحكومة و/او من خلال الصناديق المتعلقة بالمنافع المحددة ونظام المساهمات المحددة و/او من خلال القروض الممنوحة من الهيئة للمنتسبين اليها. لم يقتصر دور الهيئة في ظل هذه الظروف الصعبة على الصمود وتجاوز اهتزاز الثقة بالمنظومة الرسمية ، بل ان هيئة التقاعد فتحت افاق استثمارية واسعة في السوق المحلي وعززت الثقة في المنظومة الاقتصادية الفلسطينية وفتحت فرص عمل وخفضت بمساهماتها الاستثمارية من نسب البطالة في فلسطين ـ حيث انها لم تختار الهروب باموال المساهمين الى خارج فلسطين خوفا من البيئة الطاردة في فلسطين المحتلة بل ان هيئة التقاعد تساهم في كل من بنك فلسطين المحدود بنسبة تصل الى 6% من راسمال البنك وتساهم في البنك الاسلامي الفلسطيني بنسبة 10% وبنك الاستثمار الفلسطيني تساهم به ايضا بنسبة 10% وبنك القدس بنسبة 17% وتساهم في فندق الكرمل بنسبة 25%وهيئة التقاعد شريكة في تاج مول تجاري في مدينة نابلس بنسبة 53% من نسبة المشروع كما انها لديها اصول تصل الى 59 مليون دولار مما يشكل 16.74 من اجمالي المحفظة الاستثمارية وانشأت شركة الزيتونة للتمويل الاسلامي براسمال يصل الى 10 مليون دولار ولديها اسهم في شركات الاتصالات وجوال يقدر ثمنها بملايين الدولارات، وباعت برجين في احدى المدن الفلسطينية بمبلغ يصل الى 50 مليون دولار، كما انها شاركت بتأسيس شركة تمكين للتامين وتساهم في شركات للادوية ، واستثمرت في القطاع الصحي كما انها تملك محافظ مالية واستثمارية في اكثر من مكان وجهة براسمال كبير ، حيث نوعت الاستثمار وعززت من فرص الاستقرار لحماية حقوق المنتفعين من التقاعد العام خاصة وان موظفي القطاع الحكومي والعسكري وموظفي الصندوق القومي الفلسطيني ومنتسبي منظمة التحرير واعضاءه والوزراء ومن في حكمهم منضويين تحت مظلة التقاعد العام، كمان ان هناك 162 مؤسسة من القطاع الخاص والاهلي والنقابات والجامعات الفلسطينية انضمت لهيئة التقاعد، حيث انشات لهم صناديق خاصة ومنفصلة تماما عن صناديق موظفي القطاع العام الفلسطيني.كما اصدر مجلس الوزراء في العام 2010 لائحة خاصة بامكانية وشروط التحاق القطاع الخاص والاهلي والنقابات والجامعات وغيرهم بالتقاعد العام.
ان من يشكك بالضمان الاجتماعي ويثير تساؤلات حول ضمان سبل الاستثمارات، فان هيئة التقاعد تمثل قصة نجاح اقتصادي واجتماعي فالموارد تنمى رغم ان قانون التقاعد لم يتشدد في متطلبات الاستثمار ، الا ان الهيئة عملت بمهنية وحرفية عالية حيث ان الهيئة احالت موضوع الاستثمار الى جهة متخصصة كل في مجاله، فاستعانت بمختصين في مجال الاستثمار في العقارات، واخرين مختصين بالسياحة ومثلهم في مجال التأمين والاتصالات وقطاع البنوك، وكما يعلم الجمهور ان قطاع البنوك في فلسطين من اكثر القطاعات ربحية بل ان البنك العربي في احدى السنوات اعلن ان اكبر نسبة ارباح ونمو له كانت في فلسطين من مجمل فروعه حول العالم. ان من يشكك بقدرة الضمان ومؤسسته على الاستثمار وحيازة موارد ثابتة كمن يشكك بامكانيات القطاع الخاص وقدراته على النجاح في فلسطين رغم بيئة التحديات المحيطة بنا سيما وان مؤسسة الضمان ستدار من خلال مهارات ومعارف وخبرات القطاع الخاص، بالاضافة الى تراكم المعرفة والخبرة لدى هيئة التقاعد العام. هيئة التقاعد التي تقود دفة الاستثمار وتساهم في زيادة النشاط الاقتصادي ستكون خير مثال يحتذى عند انفاذ قانون الضمان في فلسطين حيث سيتم من خلال الموارد المالية التي ستضخ الى مؤسسة الضمان الى فتح فرص عمل لعدد واسع من الخريجين وتساهم في تصليب الاقتصاد الوطني وتشجع الاستثمار في قطاعات جديدة مثل قطاع التكنولوجيا والطاقة النظيفة وقطاع البنوك والنانو والبنية التحتية والابتكار والتمكين الاقتصادي وغيرها.
هيئة التقاعد تساهم في التخفيف عن منتسبي الهيئة من خلال منح المشتركين معها قروض ميسرة وبسعر فائدة رمزي بضمان مبلغ المكأفاة المستحق بحكم نظام المساهمات المحددة و/او بضمان الراتب التقاعدي وفقا لنظام المنافع المحددة وفقا لما جاء في المادة (109) من قانون التقاعد العام وتعديلاته.
علينا ان نجد فرصة لبلورة تصور وطني جامع وبعد انطلاق الضمان ونجاحه لتوحيد مؤسسة الضمان وهيئة التقاعد كاطار قانوني واحد يحمي حقوق الاجيال القادمة ويمثل اداة حماية اجتماعية تدوم وتنهض بكافة الاعباء الاجتماعية والاقتصادية في البلد المحتل والمقسم والملاحق موارده البشرية والمالية. علينا ان نثق بالله ومن ثم بانفسنا وقدراتنا رغم كل حالة الانهيار الذي نعاني منه ورغم كل المعيقات والتشكيك والوعيد بان الاستثمار في فلسطين غير امن وغير مجدي.فهيئة التقاعد العام قصة نجاح ما زالت ماثلة امامنا رغم كل ما يحيط بنا من تحديات ومعيقات فحافظت على اموال المنتسبين في فلسطين وتحت اعينهم وهذا ما سينطبق على قانون الضمان الاجتماعي عند انفاذه.